قصص الأنبياء شٌعيب عليه السلام

شٌعيب عليه السلام (2)
دعوته لقومه, وتكذيبهم له
-----------------------------
وبدء شعيب عليه السلام يدعو قومه: (وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ۗ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ) الأعراف (85) جاءتهم الآيات والمعجزات, لأن كل نبي كان يأتي بمعجزة لقومه, كي يعرفوا أنه على الحق, فكيف يٌفرق الناس بين نبي وبين إنسان يدعي النبوة؟ النبي يأتي بمعجزة, وما من نبي إلا جاء بمعجزة, والمعجزة أمر خارق للعادة ليس من صنع البشر يخرق قوانين الأرض والكون... كصخرة تنشق ويخرج منها ناقة, أو إحياء ميت, عصا ترمى فتصبح حية تسعى... وغيرها من هذه المعجزات... وحدد العلماء المعجزة بشروط, فقالوا: أمر خارق معجز, خارق للعادة يٌظهرة الله تعالى على يد رجل صالح وأن يكون رجل, ويتحدا بها - أي يتحدى قومه أن يأتوا بمثلها - ويُظهرها متى أراد...
شعيب عليه السلام جاء قومه بمعجزة وتحداهم, يقول الله تعالى على لسانه: (قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا ۚ وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ ۖ وَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) الأعراف (85 - 86) فذكرهم كيف أن عددهم كان قليل وكثرهم, ويٌذكرهم بقوم لوط الذين كانوا قريبين منهم..
وفي الآية الأخرى في دعوتهم قول الله تعالى: (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ) هود (88) وهذا المطلوب من الدعاة, فلا يستطيع الداعي أن يٌجبر الناس على الهداية والإيمان (لست عليهم بمسيطر) بل يجب عليه أن يحاول الإصلاح... (وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) هود (88).
فلما دعاهم, رفضوا وكذبوا به, فكان الرد فقالوا: (قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ) هود (86). صلاتك هنا المقصود بها دينك, فقالوا له: هذا دينك الجديد أن نترك ما كان يعبد آباؤنا؟! وأن يتحكم بنا كيف نتصرف بأموالنا؟!... كما هو وضع بعض الناس في هذه الأيام, يٌريدون الدين فقط للعبادة والمساجد, ولا يٌريده من أجل السياسة وأمور الإقتصاد, يٌريدون أن يفصلوا الدين عن الدنيا, وهذا منهج قوم شٌعيب الكفرة الذين رفضوا أن يٌطيعوا شٌعيب وأمروه أن لا يتدخل بأمور التجارة بينهم, (إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) هود (86) يقول بن عباس: قالوها استهزاءاً... أي لم يقولوا له أنه حكيم رشيد مدحاً به بل كانوا يستهزءون به